تيسير النجار.. “ابن المخيم” والصحفي الاستثنائي الذي أثار صدمة برحيله
رحيل مبدع
تيسير النجار.. “ابن المخيم” والصحفي الاستثنائي الذي أثار صدمة برحيله
خاص – المركز الإعلامي
“يا لطيف ألطف بحالي.. مريض جدا.. مؤسف أن يكون بقلبي كل هذا الوجع.. محبتي.. اللهم منك الشفاء والعافية.. آمين”، أثار آخر ما كتبه الكاتب والصحفي الراحل تيسير النجار، تعاطف محبيه ومتابعيه عبر “فيسبوك”، لكن أحدا منهم لم يتوقع أن الموت كان يتربص بصديقهم الودود، فنال منه بعد يومين فقط.
رحيل النجار ابن الـ49 عاما، كان موجعا لمن عرفه وحتى من لم يعرفه، فهو الإنسان البسيط المسكون بتفاصيل الحياة والزهد، وقضى حياته عاشقا للكتابة والصحافة ولمحبوبته عمّان.
يعد “أبو عون” واحدا من أبرز الذين تغنوا بعمّان، وبرعوا في وصفها كحبيبة وكمنزل وهوية، كيف لا وهو ابن مخيم الوحدات في قلب العاصمة الذي نشأ به صغيراً وتربى فيه على حب فلسطين والأردن كوحدة واحدة، وإيمانه المطلق بأنهما وطن واحد لا يتجزأ.
“ربع قرن من العمل في الصحافة تشهد لي مهنيتي. لم أنافق احدا. ومخافة الله أساس عملي”، هكذا كان يرى الراحل نفسه، حيث عمل طوال هذه الفترة في “السلطة الرابعة” متنقلا بين أكثر من صحيفة ووسيلة كانت شاهدة على أعمال أثرت المكتبة الوطنية والعربية.
عمل تيسير في صحيفة العرب اليوم ووكالة الأنباء الأردنية الرسمية “بترا”، وكان مشرفا على “ملحق الشباب” في صحيفة الدستور الذي فتح خلاله الباب أمام الكثير من الشباب للتعبير والكتابة، أجرى العديد من المقابلات من الأدباء المحليين والعرب.
وكان عضو نقابة الصحفيين ورابطة الكتاب الأردنيين واتحاد الكتاب العرب، وكان من المهتمين بالوثيقة التي تتعلق بالمخطوطات الأدبية والتراجم.
اشتغل على عدد من المخطوطات، ومنها: الأعمال الشعرية الكاملة للراحل إدوارد حداد، والأعمال النثرية لإدوارد حداد ورسائل تيسير سبول والقول النقدي في رواية “انت منذ اليوم” ومائة شهادة في الرواية، وأوراق مجهولة للأديب الراحل مصطفى الفواخيري، ورسائل نازك الملائكة، ومؤلفات عيسى الناعوري.
وله من الشعر: “خروج مؤقت”، و”ملمس غامض” ورواية “أنثى عذراء كل يوم”.
وكان أبو عون، محاطا بالأصدقاء والمحبين، الذين كانوا يرون فيه الودود والصادق والذي كان أيضا يمتلك خفة ظل وحس فكاهة رغم أوجاعه وهمومه أحيانا، فيجعل من يجالسه ينغمس بوجبة من الضحك والفرح، وكان يهتم جدا بمساعدة من يقصده من الأصدقاء أيا كان شكل المساعدة.
أما أبناؤه، عون ويوسف وإبراهيم وشذى وقمر الزمان، فكانوا بالإضافة إلى والدتهم الفاضلة، محور حياته ويمنحهم كل الحب والاهتمام، ويتابع باهتمام وشغف كبيرين، تفاصيل حياتهم أول بأول، ويمدهم بكل ما أوتي من طاقة إيجابية ليحقق كل منهم ما يطمح إليه.
وبشأن آخر أيامه، فقد قضاها تيسير النجار معتكفا منصبا على المطالعة والبحث جالساً بين الكتب والمراجع، وكان يقول: “حال المعتكف مع من يحب ويهوى”.
كان تيسير ناثراً للفرح والبهجة لكل من يجالسه ويحظى بصداقته، يقول في آخر أيامه أيضا: “منحاز إلى الحياة.. لم أكن منحازا للحياة مثلما هو حالي الآن. في سنواتي الماضية خسرت الكثير الكثير.. إلى الحد الذي يجعلني أقف ضد الموت بكل جرأة وقوة؛ تلك هي قوة الحياة: قوتي حيث للكلمة شرفها، وموقفها، ومداها الذي يتسع بمحبة الله ورضاه”.