الراحل سليم حمدان.. الأب الروحي في الوحدات وشيخ الإعلاميين “فارس” الكلمات
الذكرى الثامنة لرحيل "سنديانة المخيم"
خاص-المركز الإعلامي-مصطفى بالو
نادي الوحدات، الصرح والهوية، كبرياء المناضل، الذي انطلق بتحقيق طموحاته مريديه من خيمة، وغدا صرخا شامخا للانجازات الرياضية والثقافية والاجتماعية، يستدل عليه كعلامة بارزة في مخيم الوحدات، تنام في حضنه أحلام “الغلابى”، ويحمل تحت قبته قصة كفاح لم تنتهي، ما يزال يسردها التاريخ بالفخر والتقدير، وتحمل تفاصيلها حكايا من الكفاح المرير، لرجالات كان لها الدور الكبير في قيادة سفينة النادي الى شواطيء الانجازات، تنصفها أفعالها ومساهماتها لرفعة نادي الوحدات في مختلف المجالات.
الراحل سليم حمدان، المؤسس ورئيس التحرير الأسبق لجريدة الوحدات الرياضي، أعطى لنادي الوحدات خلاصة عشقه وانتمائه ووفائه للنادي وشعاره، وأخلص بالعطاء من دون كلل أو ملل، وما تزال بصماته واضحة للعيان في مسيرة نادي الوحدات بمختلف المجالات، ليستذكر المركز الإعلامي، حقائق من حياة الأب الروحي لنادي الوحدات، الإداري وشيخ الإعلاميين القامة الصحفية الوطنية الوحاتية، الراحل سليم حمدان ، بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيله رحمه الله وأسكنه فسيح جناته عبر هذه السطور.
سليم.. رسالة طموح
خط سليم برحلة كفاحه رسالة طموح يحتاج الكثيرين الى قراءة أدق التفاصيل فيها، وهو الذي كبر فيه عشق الصحافة طالبا، حينما خط بقلمه الرشيق أجمل العبارات في انتصارات فرق مدرسته الرياضية، وغدا المعلم والملهم وهو يكتب الاخبار وقصص النجاح لأبناء جلدته، الممهورة باللقطات الفوتوغرافية التي تؤكد الحدث على لوحة الحائط، ولعل جلوسه لساعات في مكتبة المدرسة، يقرأ صفحات جريدة الأهرام، زاد من رشاقة ورصانة قلمه وعباراته، وزادت رحلته العلاجية والدراسية الى القاهرة، من ولعه الصحفي لاسيما من زياراته المتكررة لصحيفتي الهلال والأهرام، ومتابعته لأدق تفاصيل الدوري المصري، والكتابه عنه للجريدتين، وبقي متأثرا بالمدرسة الصحفية المصرية في كتاباته الى أن رحل، وهو الحاصل على دبلوم صحافة، وبكالوريوس جغرافيا من جامعة بيروت، بعد أن عاد بشهادة الثانوية وقر عين أهله وجيرانه في مخيم بلاطة، من رحلة العلاج في الديار المصرية.
سليم.. رسالة انتماء وحداتية
تعلق بحب الوحدات في فلسطين، وهو الذي سكنه العشق الوحداتي منذ الزيارة الأولى لمركز الوحدات إلى عقبة جبر في فلسطين، وزاد وهج العشق مع زيارات الوحدات المتكررة الأعياد الى مخيم بلاطة بنابلس، وقادته قدما إلى موطن عشقه عندما لبى دعوة صديقه في مخيم الوحدات، وهو الذي قاده اللجوء الى أحضانه قادما وعائلته الى مخيم الوحدات، الذي تعرفه أزقتها، وتحبه ناسه التي أسمته أجيال النادي “الأب الروحي” عبر تاريخ الوحدات.
وفي الوحدات تكونت فصول قصة عشق “سليم” للوحدات النادي والمخيم، والذي انغمس سريعا في تفاصيل تكوينه، واقترب من مركز القرار في مركز شباب الوحدات، وصاغ قصة كفاح النادي رياضيا وثقافيا واجتماعيا، وواكب رجالات وقيادات ومدربين ولاعبين وجماهير، وأبنائه “الغلابى”، ووقع على أغلب صفقات نجوم الزمن الجميل للوحدات، لاسيما غسان جمعة، خالد سليم وباسم تيم وابراهيم سعدية-على سبيل المثال لا الحصر-، وكان أحد رجالات انطلاقة “المارد الأخضر” الكروية، وطوفانه الهادر جماهيريا، وكان بحق “سنديانة” النادي والمخيم، التي تتدلى من أغصانها، ذكريات وذاكرة لا تنسى، وتقص فصول التاريخ الوحداتي والكرة الأردنية، ووصل سليم الى سدة القرار مراقبا لمركز الوحدات، ورئيسا للهيئة الإدارية العام 1986، وغدا أمينا للسر في اتحاد الكرة في حقبة الراحل سلطان العدوان، وغدا يحمل أرشيف نادي الوحدات والكرة الأردنية في جنبات عقله، والمنبع لقلمه الحر الرشيق الذي رسم بالكلمات اروع العبارات بالوحدات ومنتخب الوطن، وبقي المرجع لمن تاه في أدق التفاصيل من تاريخ الوحدات والكرة الأردنية، الى أن انتقل إلى جوار الرفيق الأعلى-رحمه الله-، من الوحدات الذي بادله الحب والوفاء.
سليم… الهرم الإعلامي
الراحل سليم عبد العفو العالول، شيخ “الإعلاميين”، عميد الإعلاميين العرب، حامي الذاكرة .. الخ، الكثير من الألقاب التي اختارت الراحل “أبو السلم”، الهرم الإعلامي الذي خط بقلمه قواعد متينة لمدرسته الإعلامية، وجعل لعباراته الصحفية، قاموسها الخاص بـ”حمدان”، الأمير في بلاط “صاحبة الجلالة”، والمتوج على عرش قلوب الملايين في الأردن وفلسطين والوطن العربي.
وتخجل الكلمات في وصف “أبو السلم”، وهو المطوع لعباراتها بأعذب وأقوى العبارات، وهو النجم المشهور في تاريخ الصحافة الوطنية والعربية، عبر قصة كفاح بنى من خلالها هرمه الصحفي الذي يندر الوصول إلى قمته، عبر رحلة كفاح طويلة، بقي القلم رفيقه، والورق صديقة، والتاريخ حليفه، ليكون المرجع الدقيق لأرشيف الوحدات والكرة الأردنية والعربية، و”غرفة صغيرة.. وحنونة”، في بيته المتواضع في مخيم الوحدات، ما تزال تحتضن صوره وأرشيفه، عبر رحلة صحفية طويلة وجميلة، عرف فيها بالمعلم والملهم والصادق والجريء، وهو الذي قدم فيها رسالة تحد من نوع خاص، خاصة بعد أن كبلته ضمور عضلاته، وزيادة وزن الجزء العلوي من جسمه على السفلي، وجعله أسيرا للكرسي المتحرك الذي بقي شاهدا للعيان على رحلة كفاحه الصحفية.
سليم الكلمة الصحفية الجريئة و”الحلوة”، قدمته للعمل في أغلب المؤسسات الصحفية المحلية، وهو الذي ما يزال قرار وقفه عن ممارسة العمل للفترة 1986-1989، بسبب انتقاده قرار حرمان الوحدات من اللعب لسنتين، يتقدم شخصيته البسيطة والمرحة والمبدعة، في مهنة المتاعب التي بدأها ن صحيفة الدفاع بعد أن أسس القسم الرياضي في صحيفة الدفاع اليومية العام 1968، ومنها تقدم للعمل في جريدة الحوادث الأسبوعية العام 1970، في الوقت الذي عمل فيه في صحيفة الدستور اليومية، واستمرت رحلته الصحفية في صحيفة اللواء الأسبوعية، وانتقل للعمل في صوت الشعب اليومية العام 1978، وأسس صحيفة الرياضي الأسبوعية 1979، ومنها الى صحيفة عالم الرياضية الأسبوعية خلال الفترة 1981-1987، وبقي الحنين يقوده الى جريدة الدستور بين الفينة والأخرى، وترأس تحرير جريدة الملاعب خلال الفترة 1990-1992، وكذلك الميدان الرياضي خلال الفترة 1993-1995، وبقي يطارد حلمه منذ العام 1973 بتأسيس جريدة رياضية خاصة بنادي الوحدات، ولم ييئس من محاولاته التي قوبلت بالرفض في دائرة المطبوعات والنشر، وتحول حلمه الى حقيقة عندما تحقق حلمه، بإصدار جريدة الوحدات الرياضي بالعام 1996، والتي رعاها كطفله، ورواوها من حبه ووفائه وعرق جبينه، وكبرت بين قلمه وفكره، والتي غادرها رئيسا للتحرير حين وافته المنية بعد صراع مع المرض.
ورحل “حامي الذاكرة” وذبلت سنديانة مخيم الوحدات في الخامس والعشرين من تشرين الاول (اكتوبر) للعام 2012، وودعته الجموع بالدموع، وهو الذي ما يزال اسمه ورسمه ووهج قلمه، محفورا في ملايين القلوب، والذي حاز على وسام الاتحاد العربي لكرة القدم كأحد رموز الاعلام العربي في العام 1995، وتم تكريمه من اتحاد الصحافة الرياضية العربية العام 2011، تقديرا لمساهمته في الإعلام الرياضي الأردني والعربي، تاركا تاريخه ورسائل عشقه وابداعاته في تاريخ الإعلام والرياضة المحلية والعربية والقارية، وتاركا أبواب مدرسته الإعلامية في نادي الوحدات.